جدول المحتويات
نابليون بونابرت وتعود أصوله إلى عام 1769, حيث كان مسقط رأسه في جزيرة كورسيكا الإيطاليّة في أحضان البحر المتوسط. وهو ابنٌ محام تشارلز بونابرت من عائلة فلورنسا الذي كان يتمتع بشخصيّة مُتألّقة وحضورٍ ذكي.
تزوج تشارلز من ليتيتا رانيولي وهي من أشدّ النساء جمالاً في الجزيرة , وأنجب منها ثمانية أطفال. حيث بلغ بونابرت منزلةً جيّدة في وظيفته مكّنته من جمع قوت أبنائه.
ترعرعت عائلة بونابرت في منزلٍ ريفي, وهو قصرٌ حجري واسع المساحة في مدينة أجاكسيو. بالاضافة أنّ كورسيكا واحدةً من الجزر المبهجة ذات التضاريس الساحليّة .فضلاً عن منزلهم الذي كان بمثابة منتجع يقِهم حرّ الصّيف.
مع قيام الفرنسيين وعلى رأسهم لويس السادس عشر بغزوٍ عام لجزيرة كورسيكا , كان تشارلز لا يزال في فترة شبابه. وقد تخلّى عن مهنته في علوم القانون والتحق مع أبناء وطنه في صراعٍ متصدّيًا هجماتهم.
بالإضافة إلى أنّه عمل تحت راية باولي في مقاومةٍ منه لصدّ الغزاة, فكانت جلّ أهدافه الدفاع عن وطنه وعائلته. لكنّ محاولاتهم كانت تتوالى الهزيمة باستمرار ودون تحقيق أيّة نتائج.
كانت ليتيتيا على مشارِف إنجاب طفلها التالي. بالرغم من أن اشتعال حربًا أهليّة كبيرة على متن الجزيرة يعيق من تربية وحماية أبنائها. مرافقة بذلك زوجها في حملاته محفوفة المخاطر ضدّ الغزو.
قادت الحرب إلى احتلال كورسيكا من قبل الفرنسيين, تخلّلها مقاومة مستمرة من سكّانها. والّذين تم وصفهم على أنّهم رعايا عرش بوربون. وفي عام 1769, لجأت ليتيتا إلى بيتها تحسُّبًا من اعتقالها.
في عام 1769 من صباح اليوم 15 أغسطس , أنجبت ليتيتيا ابنها الثاني نابليون. وهو إيطاليًا منحدرًا أباً عن جد. لكن مع تداعيات الأحداث, أصبحت الجزيرة تحت سيطرة الفرنسييّن وبعد ثمانية أسابيع فقط من مسقط رأسه.
لم يقنط تشارلز كثيرًا بعد إنجاب نابليون, وقيل أن كان له الفضل في صقل شخصيّته منذ نعومة أظفاره. وعندما مات ترك ثمانية أطفال, جوزيف , نابليون , كارولين وبولين, ولوسيان , لويس وإليزا , وجيروم.
بالتالي واجهت ليتيتيا صعوبةً بالغة في تربية أبنائها , وبالرغم من أنّ قُدراتها العقلية كانت تناسب واجباتها المنزلية. فعملت على تربيتهم ورعايتهم بطريقةٍ لا مثيل لها.
كان نابليون يُقدّر والدته على وجه الخصوص. حيث قد صرّح لها الفضل الكبير في مساعدته والصّعود على متن قِمم السّلطة. وكانت له العديد من الأقاويل التي بقيت خالدة إلى يومنا هذا.
وبعد أن بلغ نابليون نفوذه في حكم السلطة , عمل على إحاطة والدته بكافّة سبل الرّاحة. بالاضافة إلى قيامه بإنشاء عدّة مدارس ونشاطات تعليميّة للإناث, وخاصة بعد أن تولى سدّة الحكم في فرنسا.
عندما اجتاز نابليون العاشرة من عمره, حصل على قبول في المدرسة العسكرية بالقرب من باريس. وقد عانى في مرحلته الدراسيّة أمام عائق اللغة. فهو بمثابة أجنبي يتحدّث الإيطاليّة في ضواحي باريس.
وقضى دراسته بمقربةٍ من أبناء النّبلاء الأثرياء في فرنسا, حيث كانت جيوبهم يملؤها المال. بالاضافة إلى انغماسهم في أعلى مستويات الرّفاهية والنفقات الباهظة. تاركًا في نفسه إنطباعًا سيئًا عنهم.
صادف بونابرت صدمة ثقافية أثناء مرحلته الدراسيّة , حيث لقي سُخريةً واسعة من زملائه, لكونه نجل محامي جزيرة كورسيكا. بالاضافة لنظرتهم لطالما كانت تميل إلى الإزدرائية أمام ذوي المنح الدراسيّة.
لقد قابل التحرشات اللفظيّة بالتغاضى والخنوع, بالإضافة إلى تربيته الحسنة من قبل والدته. والتي لحقها سلامًا وحصانًا نفسيّاً أمام كل ما هو قبيح.
بالتالي قد كان التجاهل ملاذًا آمنًا في صدّ التنمّر الذي لحق به. مبديًا بذلك عزلة تامّة وإقدامًا بنفسه على الغوص في كتبه المدرسيّة.
تفوّق نابليون في الرّياضيات, بينما أبدى جانبًا من الجدّية أمام الكتب العامّة والحكومية والسياسيّة. بالتالي أقدم على التفوق في جميع المناهج الدراسيّة, بما في ذلك كتب اللّغة والشعر والأدب.
واجه رِفاقه مزاجيّة متقلبّة بشخصيته, ولم يكن بوسعهم سوى مبادلته الثناء والتقدير. فكان يأبه المشاركة بكافة نشاطاتهم بما فيها الملاهي والسّهرات.
قضى حياته وحيدًا في عزلةٍ موحشة , تخللها المكوث بين عتبات ورفوف المكتبات. تأثر بونابرت كثيرًا بحياة بلوتارخ إلى أن اصبحت روحه مشبعة بأمثال الشخصيات التاريخية. كما اهتم كثيرًا بمراحل صعود وسقوط الإمبراطوريّات.
على سبيل المثال , كانت آفاقه الفكرية تدور حول تبسيط الموضوعات قدر الحاجة. ,وتدريب العقل في مدى حُكمه للأفكار , ولم يلبث وأن اتّخذ من حسن النية مقصدًا مع زملائه. في حين كان أسهل لهم أن ينعتوا بالأسبرطي.
تزوج نابليون من امرأة حسناء المظهر كانت أرملةً لإحدى الجنرالات الفرنسية. وبدورها كان لها بالغ الأثر بتتويج زوجها الجديد على ساحة الحرب حين ظهر فيما بعد على مشارف الفرنسيين البارزين.
ظهرت شعبيّة نابليون ولأول مرة في باريس بعد الغضب الثوري ,وتبع ذلك ألفةً كبيرة لاسمه في جميع المنازل وفي شتّى المدن تقريبًا. بالتالي كانت شخصيته تميل لأن تحب السيدات ملامحه فضلاً عن تأثيرها الكبير في المجتمع.
بالتالي عمّت شتّى مجالات الصّناعة بالإغلاق والتوقّف عن كافّة نشاطاتها. أضف إلى ذلك بلوغ المجاعات ذروتها التي طوقت الفقراء والمحتاجين أمام مصيرٍ حتمي ينتظرهم وهو الموت. ناهيك عن أنظمة التعليم التي أدلت عن تراجعٍ كبير ألحق بضرره المجتمع.
بينما كان الأغنياء يجمعون ما بقي من فتات سفنهم, ثم ينزحون خارج فرنسا. في الفترة التي كان بها نابليون منشغلاً في زيارة أنحاء المدينة, كان قد قام بإنقاذ أكثر من مائة عائلة على حسب قول الدوقة.
أدى تواجده إلى الحد من المعاناة التي لحقت السكاّن, بما في ذلك توزيع الأخشاب وطرود الخير والخبز على كافّة الفقراء. لقد أراد بالفعل فرنسا عظمى وإحياءً لإمبراطورية الرومان.
تخلل صعود لويس السادس عشر لقبضة الحكم وجوهًا غاضبة من عامة الفرنسيين, بالتالي كان الشّعب قد عانى من شموليّةٍ عمياء في الحكم والتي تبناها هذا القائد على غرار البلاد.
إضافة إلى الزجّ بمعارضي السّلطة والحكم في السجون الفرنسيّة, فما كان إلا أن أعدمه الثوار هو وزوجته ماري انطوانيت في احدى ساحات باريس حيث لقيا مصرعهما في المقصلة.
جاءت أعقاب الثورة الفرنسية على أثر حادثة في سجن الباستيل , الواقع في مدينة باريس. حيث تم اختراقه وإضرام النيران به, بالاضافة إلى مهاجمة الحرس الوطني وإخلاء سبيل الأسرى.
كان لحكم لويس السادس عشر قبضة تخلّلت آثارها احتلال الفرنسيين لجزيرة كورسيكا. وهي التي أيقظت في نابليون صحوة تاريخيّة لشنِ الحرب , وإعادة تشكيل حضارة أوروبا ضد الإستبداد بوجهها الجديد.
ظهر نابليون بوجه المخلّص ضد الطغيان , فقد استغل جذوره العائلية جيدًا في تنظيم وإشعال ثورة قادها برفقة أخيه جوزيف. حيث رجع من جديد إلى مدينة أجاكسيو واستثار عاطفة في السّكان تجاه ما بدى من طغيانٍ قبيل الحملات الفرنسيّة.
بالتالي رأس حركة مناهضة جديدة وكون جيشًا وأعد العدّة , في محاولة منها لإسقاط مظلّة الحكم. ولكن تغييرات عدة أعاقت من نجاح الثورة أهمها فصل كورسيكا عن الحكم الفرنسي القديم وانخراطها في أحزاب الديمقراطية الجديدة.
قاد بونابرت معارك عدة في أوروبا, بالرغم من معارضة الحكم الملكي من سياساتٍ جديدة أصبحت تهدد عرشهم. إلا أن ذلك لم يمنع من القيام بالعديد من المعارك ضد حكم الملكيّات وعلى أشهرها الحصار المفروض على مملكة النمسا.
سيطر نابليون على مدينة ميلان في محاولة منه لمواجهة النمساويين, ونجح في ذلك. بالإضافة إلى حصار تم فرضه على مدينة مانتوا الإيطالية , حيث صدّ جيشاً نمساويًا كبيرًا مقابل 50.000 جندي فرنسي فقط.
عند توسع الإمبراطورية الفرنسية ووصولها أراضٍ من البلاد الإسلامية, أظهر نابليون احترامًا وتقديرًا كبيرًا ومخادعًا تجاه المسلمين. وشمل ذلك مجالساتٍ عدة مع علماء وقادة مسلمين في الأزهر الشريف.
وعمد على المشاركة في كافة النّشاطات الإسلاميّة متمثلةً بالمولد النبوي الشريف وأعياد الأضحى والفطر. حين بدت ملامح الريبة والشّك تدور من حولهم. ثم تيقّنوا بعد ذلك ما وراء الحملة من نوايا سيّئة.
بدأت الإهانات تتوالى على دولة المماليك متقاضية بذلك فرض الضرائب وهدمٌ المساكن والمساجد والأضرحة الكبيرة في مدينة القاهرة. بالتالي كانت تداعياتٍ كبيرة لقيام الثّورة الأولى في مصر عام 1798.
انتفض أحفاد المماليك في وجه الإستبداد الفرنسي , فما كان لهم سوى تحطيم السقوف والمناظرة بوجه نابليون. في عام 1798 وبدعمٍ من أحفاد الإسلام في القسطنطينية انتشرت أوجه المقاومة في وجه الإحتلال الفرنسي.
تركّزت الحشود في جامع الأزهر والتي فاق عددها بضع آلاف منهم, مخلّفة وراءها أقسى أنواع التعذيب والممارسات المنكّلة ضدهم. ولم تقف عند هذا الحد فحسب, بل شملت تدنيسًا واستهتاراً كبيراً في مشاعر المسلمين.
وذلك عندما أقدم الفرنسيين على اقتحام الأزهر الشّريف في خيولهم, وانتهكوا حرمة بيت الله متمثلاً في تدنيس أراضي المسجد. بالاضافة إلى قتل الأئمّة والشيوخ وإعدام الأسرى أمام حشود الثّوار.
وقت النشر : 2023-02-13 19:39:31 ·
يعتمد هذا الموقع على عرض الإعلانات في تحقيق الدخل ، نشكر تفهمكم الدائم ونتمنى لكم قضاء وقت رائع ... وشكراً :D .